العادات والتقاليد من كتاب سيناء المقدسة يحيى محمد الغول


العادات والتقاليد([1])
تتميز سيناء بعادات وتقاليد وتراث يختلف عن محافظات مصر، وذلك للظروف الجغرافية والتاريخية , حيث وفدت عليها قبائل هاجرت من الجزيرة العربية واستقرت بها تحمل معها التراث الفني والتميز في العادات والتقاليد، ووفد إليها هجرات أخرى من الشام وفلسطين واستقرت في المحافظة فمنهم سكان المدن وسكان بادية الصحراء.
وكان للعزلة التي فرضت على سيناء فترة طويلة من الزمن أن تَمَسك أهلها بالعادات والتقاليد, وعلى رأس هذه العادات والتقاليد الضبط الاجتماعي المتمثل في القضاء العرفي, للحفاظ على الأنفس والأعراض والأموال, وضبط كافة المعاملات لجوانب الحياة في هذه المنطقة لأن مجتمع الصحراء يتطلب هذا التراث العظيم وتبين أهميته في ظل الاستعمار الانجليزي, وعدم تأثر أهل سيناء بأحلام هذا الاستعمار وتمسك أهل سيناء بتراثهم وأراضيهم فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء من 1967م إلى 1979م, وعدم نيله من صمود هذا الشعب المتمسك بوطنية نابعة من أصالة مرجعهم وهو دينهم الإسلامي العظيم.
حيث إن النزاعات كانت تُحسم من خلال قُضاتهم وعدم لجوئهم  لإدارة الاحتلال خشية غدره وعدم إعطاءه فرصة الغوص في تلك النزاعات والاستفادة بخبثه منها. وتذكر لجنة جمع التراث بمحافظة شمال سيناء في كتابها (القضاء العرفي في شمال سيناء) "إن الاحتلال الإسرائيلي قام بنهب التراث وعرضه في معارض أقامتها إسرائيل في دول كثيرة من أوروبا على أن هذا التراث تراثها الخاص, وادعت أن بعض العادات والتقاليد من فنون العمارة لسيناء يرجع في الأصل إلى بني إسرائيل, ومن ذلك بيت الشَعر البدوي على أنه خيمة النبي موسى, وهذا فكر سياسي استعماري معروف عن إسرائيل".
ويتمثل التراث السيناوي سواء المادي المتمثل في أدوات المعيشة والزراعة وأدوات الدفاع عن النفس والحلي والزينة والملابس والبيت البدوي والبيت المدني - المسمى بالبيت العرايشي التقليدي- أو التراث المعنوي في الأدب والشعر والقصص الشعبية والأفراح والسامر والمناسبات والأعياد الدينية والطب بالإعشاب.
ومن أهم العادات إلى اليوم هو القضاء العرفي ؛ لما له من دور كبير في عملية الضبط الاجتماعي حيث يتم اللجوء إليه في أغلب الخلافات, بالرغم من الحياة المدنية والمحاكم النظامية، فإن أهل سيناء يحترمون ويقدسون هذا القضاء ويتم تنفيذ أحكامه مهما كانت قيمتها المادية أو جسامتها المعنوية, وبالرغم من تطور الحياة المدنية فإن هذا القضاء يقوم بدوره, لأنه لا يخالف الشريعة الإسلامية ولا يصطدم مع نصوص القانون في أغلب الأحوال, كما أنه سريع الحسم في النزاع والنظر إلى القضايا نظرة شاملة من حيث البعد الاجتماعي والسيطرة على عدم تأجج النزاعات, ويساعد الإدارة في السيطرة على الخارجين على القانون, كما أنه من عوامل الأمن والأمان ومكفول فيه الحق للجميع دون غرض أو هوى متأصل فيه العدالة وإحقاق الحق. ومن أهم تلك العادات المتوارثة:
أولاً: التحية
وهي كلمات الغرض منها السلام والمصافحة عند اللقاء والفراق, ولكون النظام الاجتماعي قائم على الترابط الأسري والقبلي والجميع يعرفون بعضهم فالتحية ضرورة, وهي دليل على التودد واللطف والأدب, وتأخذ التحية ألفاظ كثيرة منها المباشر وغير المباشر مثل (السلام عليكم ، مساكم الله بالخير ، حياكم الله) وكلمة (قوك) ، والرد عليها (قويت)، ويقال للجماعة قو الرجال والنشامة والرد عليها قواك الله.
أما المشهور عن الجميع السلام الشرعي, كما يتم إلقاء بعض الكلمات بعد السلام الأول مثل (سلامات يا غانمين), وتكون المصافحة والعناق في الغياب الطويل ويتمثل العناق في وضع الأنف على الأنف أو التقاء الأكتاف أو وضع الخد على الخد وضم الصدر مع كلمات الترحيب, وإذا كان اللقاء بين الأسرة الواحدة يكون اللقاء مصحوب ببكاء الفرح, وعلى كل الأحوال التحية والمصافحة بداية أي لقاء.
ثانياً: الضيافة
تكون الحفاوة بالغة للضيف مصحوبة باحترام وتقدير, ويعتقد الجميع أن الضيف يأتي بالخير فيتم الذبح له وأول ما يقدم للضيف هي القهوة ثم إجراءات الذبح والطهي وتقديم الطعام ويقوم المضيف بخدمة الضيف ويقال (خدمة الرجال شرف) وإكرام الضيف من شيم الرجال, ويتم حماية الضيف إذا كان مطلوبا لثأر كما إن وجبات الطعام التي تقدم للضيف يتم حضور الأهل والجيران مما يجعل الجميع يتنافسون في طلب إكرامه كما أن واجب الضيافة يكون للمستجير وطالب الحماية بالرغم من تطور المجتمع المدني بتمسك مجتمع سيناء بإكرام ضيفه.
ثالثاً: القهوة
وهي القهوة العربية حيث يتم الاهتمام بأدواتها المكونة من (الدَلال) وتعني البكارج ، والمحماسة التي توضع على النار لتحميس البن ، والفناجين ويقال أن القهوة مفتاح الكلام حيث يسود الجلسات الصمت حتى تقديم القهوة وتصنع القهوة من البن والهيل وبعض البهارات.
·       القهوة والثأر
يقصد بالثأر, ثأر الدم أو الثار من اعتداء على العرض والبيت, حيث تجتمع القبيلة يصنعون القهوة ويتبادلون الرأي والمشورة, ويقوم صباب القهوة بصب الفنجان الأول ويتم وضعه في وسط مجلس الرجال فيعلن كبير القبيلة أن هذا الفنجان هو فنجان فلان الذي قتل ابننا فلان فمن يشربه؟
فيقوم أحد أفراد القبيلة ليشرب الفنجان, قائلا: أنا اشرب الفنجان وآخذ بالثأر, ويُشهد الحضور على ذلك, ثم يتم تقديم القهوة للحضور من أفراد القبيلة, حيث يبدأ صباب القهوة من على اليمين ويعتبر من شرب الفنجان الأول كأنه وضع وسام الشرف على صدره.
·       القهوة والحزن
تقدم القهوة في مناسبات الحزن وتكون من فنجان واحد لا غير وإذا كان المفقود عزيزاً أو شخصية إعتبارية فيتم وضع البكارج بشكل معكوس على إعتبار أن القهوة والأهل فقدوا عزيزا عليهم.
·       القهوة والجاهَة
حينما يقدم فنجان القهوة في الجاهة إلى كبير هذه الجاهة فيرفض تناولها قائلاً : إلى أهل المكان لا أشرب القهوة إلا إن (وافقتوني) على ما جئنا له, ويشارك الجمع الحاضر نفس المقولة فيقال لهم من كبير القبيلة المضيفة (أي كبير البيت) اشربوا القهوة وأبشروا, فيشرب الجميع القهوة ،وتحدد الجاهة طلبها سواء كان لوقف نزاع أو إنهاء خصومة أو طلب عطوة أو جيرة أو عفو عن حق, وعليه تعتبر القهوة في الجاهة مفتاح للسلام والكلام كما هي البداية في إكرام الضيف, وتعتبر القهوة من أساليب الحَس على المروءة والشهامة والإستجابة لطلب الجاهة.
·       فنجان القهوة
وهو إناء صغير جداً, مصنوع من الصيني تقدم فيه القهوة, وله أسماء من حيث شرب القهوة:
1) فنجان الهِيف: وهو الذي يشربه صانع القهوة بعد إنتهائه من صنعها كي يطمئن ويتأكد من الجودة قبل تقديمها للحاضرين.
2) فنجان الضيف: الفنجان الأول المقدم للضيف والحضور وهذا دليل القبول والاحترام والتقدير.
3) فنجان الكِيف: الفنجان الثاني المقدم للضيف والحضور للتمتع بلذة القهوة والشعور بالسرور.
4) فنجان السِيف: وهذا الفنجان يعتبر من باب الأخوة (العيش والملح) بين الضيف ومضيفه, وعلى الضيف بعد هذا الفنجان أن يدافع عن مضيفه إذا لزم الأمر أو وقع عليه اعتداء, كما أنه يؤكد سلامة الضيف والمحافظة عليه, فترى الاهتمام بالقهوة ومالها من معنى في إكرام الضيف والمحافظة عليه وقبول الجاهة وإكرام الحاضرين.
·       ولشرب القهوة آداب تتمثل في مسك الفنجان باليد اليمنى كما يجب هَز الفنجان عند الاكتفاء.
·       ومقدار القهوة في الفنجان لا تزيد عن ثلثه ويقال إنها كيف راس وكرامة بين الأجاويد.
كيفية صب القهوة:
إذا كان الجالسون من قبيلة واحدة ؛ فإن القهوة تصب لأكبرهم سناً, والمبدأ الأساسي لصب القهوة يبدأ من اليمين, وعلى صباب القهوة متابعتها على النار خوفاً من أن تصاب بعيب ما كتغير الطعم أو برودتها عن اللزوم وتسمى (الفاكه), ويتم تجهيز البن بتحميسه على النار ثم طحنه ووضعه في الدَله الكبرى (البَكرج) مع الماء حتى تصل إلى درجة الغليان, وتنقل من الدَله الكبرى إلى الدله الصغرى, ويضاف إليها الهِيل وجوز الطيب, ويتم ذلك في ديوان القبيلة، وتصنع القهوة في الضحى وفي المساء.
رابعاً: المائدة
تتمثل المائدة في الأوعية التي يتم وضع الطعام فيها وتقديمه ومنها:
1) المَنسَف: مصنوع من الخشب بطريقة دائرية, ويوضع فيه الفطير والأرز واللحم والسريد.
2) الباطية: وتصنع من الخشب بطريقة دائرية, ويقدم فيها الطعام.
3) اللقن: ويصنع من الفخار, ويتم فيه عجن الدقيق.
4) الطِشط: ويصنع من النحاس أو الصاج, وهو أحد أوعية الطعام.
5) الكُرمية: وهي مستديرة أصغر من الباطية.
6) الهنابة: مثل الكرمية .
7) القَدح: وهو آنية من الخشب مستطيلة ولها يد, وتستعمل لحلب الإبل والشرب منه.
ملحقات أدوات الطعام والقهوة
1) حجارة الرحى (الطاحونة): وتستعمل لطحن الدقيق.
2) الحلل النحاسية: وتستخدم للطبخ
3) المِهباش: الذي يطحن فيه حب القهوة ليصبح بناً.
4) المصحن: وهو مصنوع من الفخار, ويستعمل في طحن البن مستخدماً عصا خشبية غليظة للمساعدة في الطحن.
خامساً: الوجبات
وتتمثل الوجبات الغذائية في الإفطار والغذاء ظهراً والعصرية أحياناً والعشاء ليلاً, كما أن المسافر يأخذ معه من الطعام ما يكفي لسفره وتسمى (الزوادة) وفي الأكلات الكبيرة تسمى الموائد (ولائم). وتعتبر الذبائح وجبة رئيسية للضيوف والمناسبات, ومن المناسبات الآتي.
1) الذبائح الدينية: وهي مرتبطة بمناسبة دينية, كعيد الأضحى والذبح في شهر رمضان وفي رأس السنة الهجرية وفي مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومناسبات النذور, وكان في الماضي يتم الذبح بجوار أماكن يعتقد أن لأصحابها كرامات.
2) ذبائح الأفراح: وتتمثل في ذبيحة ما قبل الفرح وليلة الزواج (حلية) وذبائح الصباحية وذبيحة زيارة العروس - بعد زواجها بفترة-  إلى أهلها.
3) ذبيحة الطهور: وتتم يوم ختان الأولاد الذكور
4) ذبيحة العقيقة: وتذبح بعد الولادة, فإن كان المولود ذكراً فإثنين وإن كانت أنثى فواحدة.
5) ذبائح المواسم: ومنها ذبيحة البيت الجديد وذبيحة السكن, ويقال لكل عتبة ذبيحة.
6) ذبيحة المصالح: وكانت تتم عند شراء الفرس الجيد أو الجمل الأصيل, كما يتم الذبح الآن للسيارات والممتلكات حين اقتنائها.
7) ذبائح الحَج: ويتم الذبح قبل السفر للحج وبعد العودة وتشترك القبيلة والأصدقاء في تقديم الذبائح للحاج بعد عودته.
سادساً: أنواع الطعام
1) اللحم المسلوق: وعادة ما يحافظ أهل البيت على مثل هذا اللحم ليتم الاستفادة منه في أكلهم اليومي أو ما يتبقى من ذبائح المناسبات.
2) القُرص: (ويسمى خبز المَلة) (لِبه) وهو عبارة عن دقيق معجون يتم وضعه في مَلة النار ليتم سوائه فيستخرج لأكله بعمل فتة بالسمن واللبن أو مع العجر (وهو الصغير من البطيخ).
3) الفطير: يتم عجنه وتقطيعه ثم يرق ليصبح مستديراً لوضعه على الصاج, وبعد سوائه يكون جاهز للأكل أو للفتة مع اللبن.
4) الجَريشة: وهي من القمح وتدش على الطاحونة وتطبخ بطريقة طبخ الأرز.
 5) الفَريكة: وهي من القمح وتطبخ مع قليل من اللبن للأكل.
6) شراب اللبن بالجريشة: ويطبخ بطريقة عمل (البليلة) ويوضع عليها كثير من اللبن وقليل من الماء لشربها أو أكلها بالرقاق.
7) العَصيدة: ويتم على الماء ثم يصب الدقيق شيئا فشيئا وتحريكه ويصب عليه اللبن حتى السواء للأكل. أما الرعاة والمسافرين فيكون طعامهم مكون من (قرص الخبز والتمر والشرب من لبن الإبل والغنم).
سابعاً: العلاقة بالجار
الجيرة علاقة اجتماعية, وتبنى على مبادئ الاحترام والأخلاق, فعلى الجار التغاضي عن زلات جاره كما عليه أن يبره وأن يدعوه أثناء وليمة الضيف وفي الأفراح والمناسبات, وإذا كان الجار فقيراً أو أسرة بلا عائل فيقدم لها العون والرعاية, كما يقوم الجار بإقراض جاره وإعانته على ظروف حياته, واستقر العرف في سيناء أن الجار من أهل الدار (إن الجار جار ولو جار).
ثامناً: المجالسة
اعتاد أهل سيناء أن تكون لهم مجالسهم ؛ حيث يسمعون بعضهم لبعض ويتبادلون الأخبار بكل أنواعها ومصادرها فيتعلمون منها أصول الحديث ومعرفة العادات والتقاليد وقصص الفروسية والترحيب بالضيف وعلم الأنساب والشعر والأدب, ومن آداب هذه المجالس حسن الاستماع واحترام الصغير للكبير، وعدم المقاطعة والاستماع إلى ما يهم أمر القبيلة والتشاور مما يتسبب في الوعي والتعلم وتواصل الأجيال.
تاسعاً: الأفراح
وتكون في الزواج والقدوم من الحج وختان الذكور, حيث تتميز هذه المناسبات بالفرح وإلقاء الشعر ومنها (السامر), وتتم المشاركة من الفتاة في هذا السامر وتسمى(الحاشي) مرتدية أفضل الملابس, ولا يتم الخروج عن الآداب العامة, وأن الزواج الذي تسبقه الخطبة المتمثلة في تقدم أهل الشاب إلى أهل الفتاة التي يرغب الزواج منها, وتتم الإجراءات وتحديد ميعاد الزواج بكلمة الشرف (والفاتحة) ثم يتم الفرح باعتباره إشهار يُدعى له أبناء القبيلة والقبائل المجاورة, وحسب العادات المتبعة يأخذ المدعون أو بعضهم الذبائح لأهل العريس ويسمى ذلك قود, ويعتبر ذلك من العادات الطيبة التي تعين في مثل هذا اليوم, كما كانت تقام في الأفراح الدحية وتكون أعمال الفرح منها ما يمثل طريقة الزراعة, كما كانت تتم في بعض الأوقات باستخدام آلات الطرب بآلة (الربابة) المقرون وهي تشبه الزمارة, وعلى طرب الربابة والمقرون يتم إلقاء القصائد والمواويل والغناء بطريقة وصف الإبل على اعتبار أن الإبل لها أهمية كبيرة في ذلك الوقت , كما كان يتم مدح الرجال وصفات العريس بالرجولة.
عاشراً: احترام الوالدين
من الثابت في عرف أهل سيناء أن احترام الوالدين من الشرع الإسلامي, ويتصف القائم باحترام والديه بصاحب خلق ودين, وإن الشاب حينما يبلغ سن الرشد ويرغب في الزواج لا يستطيع أن يتحدث مع والده مباشرة وتكون الوالدة هي الوسيط, وهذا من الأدب والاحترام, أما عاق والديه فيعامله أفراد القبيلة بعدم القبول وعدم الرضا ويقال عن عاق الوالدين (اللي ما فيه خير إلى والديه ما فيه خير إلى غيرهم) , وعلى كل الأحوال إن المجتمع في سيناء يقدس الوالدين.
حادي عشر: الأسلحة والركايب:
·       الأسلحة
الحياة في الصحراء فيها من المهالك ما يدعو للتسلح سواء كان دفاعاً عن النفس من الغير أو ضد الوحوش, كما أنها تستخدم في صيد الحيوانات البرية. وتتمثل في : الشبرية – السيف – العجمية – الدمشقية – السلمية , وجميعها مصنوعة من الحديد بطريقة حادة.
·       الإبل
كانت الإبل تترك بأعداد كبيرة في المراعي ولا يجرأ أحد على أن يمسها بسوء , وللإبل فصائل عدة وأهمها الأصيل حيث يعنى بتربيتها وهي نوعان : الزريقان ، والأنثى منه أي (الناقة) تسمى الزريقة، والوضيحان، ويميل لونه وخاصة أسفل بطنه إلى البياض أما أعلى جسمه فيكون مصفراً كلون الغزال, أما الآن فقد انقرضت فكرة تربية الإبل بكثرة, وأصبح الاهتمام بالبعض منها بسباق الهجن والاستفادة من لبن النوق.
·       الخيل
لها أصول كريمة وأشهرها المخلدية – الكبيشة – العبيبة , وكانت أهل الخيل نادراً ما يبيعون الإناث وفي بعض الأحوال تباع الخيل بالمشاركة في نتاجها, ويتم سباق الخيل والإبل في أيام الأعياد والأفراح ومواسم الحج حيث يجتمع النساء والرجال للفرجة على السباق, وقد قَلت هذه العادة.
السكن والإقامة
يأخذ السكن في سيناء شكلين مختلفين في في المدينة, وفي البادية.
شكل السكن في البادية:
ويتمثل في بيت الشَعر البدوي المكون على شكل خيمة ويصنع من شعر وصوف الأغنام, وينقسم هذا البيت إلى قسمين للنساء وللرجال, ويثبت في الأرض بالأوتاد والحبال, ومع التقدم الحالي أصبح بيت الشعر البدوي من التراث.
سكان المدن:
ويقيمون في بيوت تبنى من الطوب اللبن من دور واحد به عدة غرف وله غرفة كبيرة بجوار الباب تسمى (منضرة) لاستقبال الضيوف, ويتم سقف هذا البيت من جريد النخيل, وللبيت حوش كبير للإبل والدواب وقد أصبح هذا البيت نادر الوجود وأقيمت مكانه العمارات والفيلات الحديثة من مواد البناء الحديد والأسمنت المسلح, وكان يسمى بالبيت العرايشي.
الممتلكات الخاصة من غير الإبل والدواب:
وتتمثل فيه عدة القهوة المؤلفة من المحماسة والهون والبكارج والفناجين والصينية, بالإضافة إلى الأغطية المنسوجة من الوبر والصوف ومنها الغفور المصنوع من الصوف وتستخدم كغطاء, أما الفراش المصنوع من الصوف كالسجاد و(الفردة) التي تستخدم لحفظ الحبوب وفرشها في حالة الضرورة والخُرج والمزاود التي تستخدم في وضع أشياء مع ظهر الجمل, كما توجد بعض الأواني وأدوات حفظ الماء مثل القِربة لحفظ الماء وتصنع من جلود الماعز كما توجد أسرجة الخيل وغبيط (الإبل) للركوب, هذا بالإضافة إلى ملابسهم المتمثلة في لبس الرجال (الزي العربي المعروف) وعليه العباءة.
ولبس النساء المتمثل في الثوب البدوي الجميل المحتشم والمصنوع باليد, هذا بالإضافة إلى حلي النساء, ولبس النساء يكون من الثوب (أبو ردان) وحزام حول الخصر والبرقع لغطاء الوجه مثل (النقاب) مطرز بخيوط حرارية ومزين بقطع من الذهب أو الفضة أو النقود القديمة, ثم يأتي على الرأس (القنعة) وهي وشاح أسود لغطاء الرأس حتى يصل إلى نهاية الظهر والثوب البدوي فضفاض لا يظهر تقاسيم جسد المرأة ويصل إلى أسفل الكعب, وفيه وقار وحشمة للمرأة.
الآلات الزراعية:
يتم استخدام المحاريث الخشبية لحراثة الأرض على الإبل في المواسم ؛ لأن الزراعة كانت في الماضي على الأمطار، وتتمثل في زراعة القمح والشعير في موسم الشتاء ، وفي الربيع زراعة الذرة ونبات البطيخ , ويستخدمون في أعمال (دراسة القمح والشعير) بشكل خشبي مستطيل حوالي متر في متر ونصف ، وبه من الأسفل قطعة من الحديد يجره الجمال لفصل الحبوب عن التبن , وكانت أعمال أهل سيناء في المناطق الصحراوية, منها ما يعتمد على الزراعة الشتوية والرعي, أما في الساحل الشمالي من رفح حتى القنطرة فكانت زراعة المواصي على شاطئ البحر والصيد من البحر, وصيد طير السمان المشهور في ساحل البحر المتوسط ويأتي موسمه في نهاية موسم جني النخيل وكان يتم بيعه في بورسعيد.
كان سكان الساحل يقومون بالأعمال الزراعية في مناطق محددة بها مياه من خلال آبار سطحية, وقد مارس سكان خليج السويس وحتى طابا بعض الأعمال التجارية وصيد الأسماك وصناعة الفحم, أما اليوم فأصبحت الزراعة كبيرة في كل المناطق والصناعة والتجارة وممارسة جميع المهن مثلها (أي سيناء) كباقي محافظات مصر.
وقد كان موسم جني ثمار النخيل يتميز بتجمعات كبيرة لأنه موسم اقتصادي سواء من جهة البيع للثمار أو الاستفادة من جريد النخيل وعمل الأدوات (الأقفاص) اللازمة للرطب , وكان يتم الاستفادة من بعض الثمار كعلف للمواشي والإبل لفترة لا تقل عن ثلاثة شهور, ويتم تخزين الفائض لباقي العام ويسمونه (بلح الشيص – والبلح المشوي – والعجوة – الشقيق).



[1] ) حرص المؤلف على رصد ظاهرة العادات والتقاليد من خلال القضاء العرفي الذي يعتبر هو أحد أفراد القضاء فيه, وحرص على تدوين كل خطوة من تلك الخطوات باعتبارها أحد معالم التراث السيناوي الذي يتميز به المجتمع السيناوي.